المنتدى الاقتصادي العالمي في سان بطرسبورغ 2025 فرص جديدة للبنان والعالم العربي
من 18 إلى 21 حزيران (يونيو)، تستضيف العاصمة الشمالية لروسيا (سان بطرسبورغ قمة دولية كبيرة – المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبورغ على الرغم من محاولات الغرب النشطة لزعزعة النظام ومنع السياسين ورجال الأعمال وممثلي المجتمعات من الاجتماع على منصة واحدة متساوية، سيتم تنفيذ مشروع بحجم كبير. ولكن ما هو مردود هذه القمة الكبيرة على لبنان والعالم العربي ؟
تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من الأوضاع الاقتصادية السياسية لا يزال منتدى 2025 مكانا فريدا من نوعه، حتى نخبويا إلى حد ما، لإجراء حوار جاد حول القضايا الاقتصادية والسياسية الملحة، فضلا عن كونه منصة لإبرام الاتفاقيات وتطوير التواصل. لم يتضاءل الاهتمام بالمنتدى على الرغم من العقوبات ومحاولات عزل روسيا، فقد شهد منتدى 2024 عددًا قياسيًا من المشاركين في السنوات الأخيرة. وكان من بينهم رؤساء المنظمات والمجتمعات الدولية والوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية و وعمدة المدن والمحافظات. ويمكننا أن نتوقع نجاحاً مماثلاً في هذا العام.
إن الاهتمام بأفريقيا والشرق الأوسط في كل المنتدى ليس من قبيل الصدفة فروسيا تتعاون بنشاط مع دول الجنوب العالمي التي تتخلص تدريجيا من التسلط الغربي فقد تم توقيع عدد كبير من الاتفاقيات خلال العام الماضي – وعلى الرغم من الطابع الاقتصادي للتواصل فإن السياسة ليست أقل أهمية.
تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارا وتكرارًا في المنتدى الاقتصادي العالمي 2024 عن آفاق تعامل لروسيا مع دول الشرق الأوسط: هناك رغبة في تعزيز العلاقات الاقتصادية، وتوسيع خارطة الطريق لتعزيز النمو الاقتصادي، والأهم من ذلك التعامل والتكامل في التجارة الدولية.
قبل شهر واحد فقط من انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في سان بطرسبرغ 2025 استضافت مدينة قازان حدثا اقتصاديًا عالميًا مهما – منتدى قازان 2025، الذي حدد مسارات جديدة للتنمية في مجال التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي في الأجندة العالمية. بالنسبة للبنان، أصبح هذا المشروع، إلى حد ما، رابطة أيديولوجية مهمة للتحضيرات لمنتدى في سان بطرسبورغ. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير مما ينبغي مناقشته.
الجدير بالذكر أن لبنان كان تقليديًا أحد أهم الشركاء الاستراتيجيين لروسيا، سواء في المجال السياسي والاقتصادي أو في المجال الثقافي. إنه تعاون متبادل قائم على المساواة من المهم أن يحافظ الطرفان على التكافؤ في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية.
المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبورغ هو منتدى اقتصادي وروسيا ولبنان شريكان استراتيجيان في المجال الاقتصادي: يبلغ حجم التبادل التجاري حاليا حوالي مليار دولار أمريكي وتضاعف منذ عام 2021. على سبيل المثال، تشمل الصادرات الروسية إلى لبنان الوقود المعدني والزيوت ومنتجات التقطير، بالإضافة إلى المنتجات الغذائية والمواد الخام الزراعية، ولا سيما الدهون الحيوانية والحبوب في نفس الوقت تأتي منتجات التبغ ومنتجات النحاس من الشرق الأوسط إلى روسيا.
ومن بين المشاريع المرشحة للتعاون بين الطرفين التي ستتم مناقشتها في المنتدى العالمي إمكانية الاستثمار الروسي في توليد الكهرباء في لبنان وتطوير إستنتاج النفط البحري الذي يقدر بما لا يقل عن 16 تريليون قدم مكعب. ومما لا شك فيه أن إحياء اللجنة الحكومية المشتركة بين البلدين بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية يمكن أن يكون أيضا عاملا مهما للتعاون فاليوم تخطط بيروت أن تبدأ التعاون مع روسيا في إعادة إعمار البلاد بعد اندلاع الأزمة السياسية الأخيرة.
يعاني لبنان حاليًا من نقص حاد في الوقود والكهرباء. وبالإضافة إلى ذلك يحتاج لبنان إلى المنتجات الروسية – من الحبوب حتى المصنوعات الطبية – مطلوبة في لبنان تقليديا مما يفتح فرصاً جديدة للتصدير. على الرغم من الوضع الصعب المتبقي في البلاد، فإن لبنان مستعد لاستئناف التعاون مع روسيا
إن المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبورغ هو منتدى لبناء الشراكات والتعاون على قدم المساواة ومن الممكن أن تكون هنالك مناقشات على هامش أو حتى في أروقة فعاليات المنتدى حول الأنظمة المالية، بما في ذلك، تطوير وتعزيز روسيا في مختلف قطاعات الاقتصاد العالمي الناشئ. ومن الممكن أيضا مناقشة قضايا سياسية مثل مشاركة لبنان في مشروع “بريكس، أو حتى مفهوم الأشكال الجديدة للمدفوعات في العالم الجديد متعدد الأقطاب على خلفية التخلي عن الدولار.
بشكل عام، من المتوقع أن يصبح المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبرغ حدثاً مهما في الأجندة الاقتصادية والسياسية الدولية، ولكن الأهم من ذلك أنه سيصبح منصة تواصل لمناقشة القضايا الراهنة وتطوير حلول جديدة ومشتركة في ظل التحديات العالمية. إن جدول الأعمال الرئيسي للفعاليات يؤكد على تطلعات روسيا في تعزيز التعاون الدولي، وقد يصبحلبنان أحد قادة الشرق الأوسط في قمة دولية كبيرة، بل سيكون في بداية رحلة عظيمة في بناء نظام عالمي جديد